-A +A
إبراهيم سنان
على بعد عدة دقائق بالسيارة كان مقر احتفالات منطقة نجران بمناسبة العيد الوطني، كانت لدي الرغبة في الحضور والمشاهدة عن قرب وبشكل مباشر لحجم هذا العمل الذي استنفذ الكثير من الجهد والمال طوال الأشهر الماضية، وفي الطريق إلى هناك كنت قد بدأت أشعر باليوم الوطني تجتاح مظاهره كل ما حولي، الأطفال بأزيائهم ورؤوسهم التي تخرج من نوافذ السيارات، الشباب الذين يزينون سياراتهم بالأعلام والشعارات وصور خادم الحرمين الشريفين.
ربما تصادفك بضعة أحداث سيئة وطبيعية، وتأتي في سياق أي مناسبة واحتفالية بهذا الحجم، كان ذكرى ميلاد ضخمة لشخصية مكان وزمان احتوت كل ما نحن عليه اليوم بكل أحوالنا، كان كأي ذكرى ميلاد لرجل يفرح بنفسه أن حقق لكيانه وجودا يجمع حوله من يحبهم ويحبونه، يتقبل هداياهم ويبادلهم الفرح والسرور ومداعبات التقدم في العمر.

كانت الجماهير تمشي على أقدامها حتى مقر الحفل في استاد إدارة التعليم الرياضي في منطقة نجران، الكل يتحرك بحماس كبير يريد حضور احتفال يعتقد في داخله أنه يمثله ويتحدث عنه في حق هذا الوطن. لم أكن محظوظا كغيري ممن وجدوا لأنفسهم مقاعد تمكنهم من رؤية الحفل بشكل واضح. ففضلت أن أعود إلى المنزل كي أتابعه على شاشة التلفاز، حيث كان يعرض حفل منطقة نجران على القناة الثقافية.
من المنزل تابعت الحفل، ورأيت كل مظاهر تقديم الولاء والحب لهذا الوطن، وأخذت أتخيل حال ذلك الرجل في ذكرى ميلاده بعد نهاية الاحتفال، كيف سيداهمه قبل النوم بقليل الكثير من الوقفات يمرر فيها كثيرا من مشاهد شريط حياته: إنجازاته.. أحلامه.. طموحاته، أين أصبح من ذلك كله، وماذا حقق حتى هذا اليوم، وهل كان بإمكانه بأن يكون في حال أفضل مما هو عليه اليوم. كذلك سيكون يومنا الوطني الذي أحمل له من السعادة ما بثه بي أبي البالغ من العمر قرابة المائة عام لكثرة ما يذكرني كيف كانوا قبل هذا الوطن.